علوم

الزراعة المائية.. غذاء صحي ومستقبل مستدام

الزراعة المائية.. غذاء صحي ومستقبل مستدام

الجوع مشكلة عالمية كبرى، وحاليًّا يعاني 700 مليون إنسان -تقريبًا- الجوعَ والتدهورَ الغذائيَّ في جميع أنحاء العالم، حيث إنها مشكلة لا تؤثر في سكان إفريقيا فحسب، وإنما يمتد أثرها إلى سكان القارات الأخرى، خصوصًا بعدما اجتاحتِ العالمَ أزمةُ فيروس كورونا، التي كان لها أثر شديد في مضاعفة عدد الفقراء والمعدمين في شتَّى بلاد العالم.

في ظل هذا الوضع المتأزم دعتْ جهاتٌ دوليةٌ -وهذا في مؤتمر التكنولوجيا الخضراء، الذي عُقِدَ في مدينة أمستردام نهاية سبتمبر من عام 2012- إلى استخدام تقنية الزّراعة المائية في تطوير النظام الزراعي التقليدي؛ لأجل حياة أكثر استدامةً بين شعوب العالم كافةً.

ما الزراعة المائية؟

إنَّ الزراعةَ المائيةَ أسلوبٌ زراعيٌّ حديثٌ، وفيه تنمو النباتات في الماء على خلاف الزّراعة التقليدية التي تنمو فيها النباتاتُ داخلَ التربة. وإذا ما قارنَّا بين الأسلوبينِ اتضحتْ لنا الفوائد الكثيرة جرَّاء هذه التقنية المتطورة، ومنها: زيادة سرعة نمو البذور – الحد من أضرار الحشرات والفطريات التي تصيب النباتات في النظام الزراعي التقليدي – تقليل كميات المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية التي تتراكم في أنسجة النبات.

لكن الفائدة الأقرب هنا، هي أنَّ الزراعةَ المائيةَ لا تحتاج إلى التناوب في زراعة المحاصيل، حيث نستطيع -بكل سهولة- زراعة نوع واحد من النباتات لأعوام كثيرة، إضافةً إلى فائدة تقليل المياه؛ إذْ إنَّ هذه التقنية تستنفد 10% فقط من المياه، وعلاوة على هذا، فإنَّه أسلوب يتطلب حوالي ربع المقدار الذي تتطلبه الزرِاعة التقليدية من الأسمدة؛ بل يمكننا القول: إنَّها -أي: الزرِاعة المائية- حلٌّ واعدٌ لمعالجة المخاوف العالمية المتزايدة حول ندرة الغذاء والمياه، وتناقص التربة.

الزراعة المائية تقنية مستدامة

بكل سهولة يمكنكم -لو نظرتم بنظرة بيئية- رؤيةَ مدَى تأثير الزراعة المائية في تصحيح مسار البيئة، فإذا كانت هذه الطريقةُ تحد من إهدار المياه المستخدمة في الزراعة التقليدية فإنها تقلل -أيضًا- من استخدام الوقود الأحفوري؛ وهذا راجع إلى أنَّها طريقة تستبعد آلات الزراعة، ولا تحتاج إلى الحراثة؛ وهذه أمور تؤثر -بشكل إيجابي- في البيئة وصحة الإنسان.

وإجمالًا، يمكن تلخيص فوائدها في النقاط الآتية، هي:

  • تقليل حجم النفايات التي يتم تصريفها في البيئة، وتقليل الآثار البيئية السلبية من خلال تنقية المياه وإزالة العناصر الغذائية من المياه قبل مغادرتها للنظام.
  • التقليل من تبادل المياه وتقليل تكاليف التشغيل.
  • إدخال “المنتجات العضوية” إلى السوق، مما يزيد من دخل المزارعين ويدعم الاقتصاد المحلي.
  • إنتاج منتجين (أو أكثر) من المنتجات الغذائية من وحدة إنتاج واحدة.
  • في المناطق القاحلة حيث المياه شحيحة تعتبر الزراعةُ المائيةُ تقنيةً مناسبةً تسمح بإنتاج الغذاء عن طريق المياه المعاد استخدامها.
  • النظام بسيط وغير مكلف وسهل الاعتماد عليه.

وفي الختام، يؤكد “الفاصل” أنَّ الزراعةَ المائيةَ تقنيةٌ واعدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة إقليميًّا وعالميًّا، وإذا كنَّا قد سلطنا الضوء من خلال هذا المقال على الزراعة المائية ومستقبلها، وأشرنا إشارةً إلى جدواها الاقتصادية – فإنَّ السؤالَ الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا الأسلوب الزراعي مربح اقتصاديًّا في رأيكم؟ اكتبوا لنا أجوبتكم عن هذا السؤال، حتى تشاركوا في صنع مستقبل مستدام.

mohamed jalal

محمد جلال الأزهري رئيس تحرير "الفاصل" ومؤسسه. هو كاتب وباحث مصريٌّ، صَدَرَ له ثلاثة عشر كتابًا - شِعرًا وسردًا وتحقيقًا، وانطلاقًا من اختصاصه بعلوم الشريعة الإسلامية التي أكمل فيها درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية -إضافةً إلى عدد من الدرجات العلمية في حقل العربية وآدابها من كلية دار العلوم- أسَّس لنفسه أساسًا في مجال التدقيق اللغويِّ بعد أنْ تخرَّج في كلية أصول الدين، حتى ترأَّس مناصبَ تحريريةً كبرى في عدد من دور النشر المصرية. وبعد أنْ كان مشرفًا علميًّا في قسمَي الفقه واللغة لعدد من شركات تحقيق التراث وتنقية المعلومات - يعمل الآنَ رئيسَ تحريرٍ لإحدى المجلات المتخصصة، حيث يواصل كتابة سيرته، ويُديمُ إخراجَ كتبٍ وبحوثٍ في فنَّي الرواية والنقد الأدبيِّ وعلوم اللغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى